قال -جلت صفاته- في سورة
الكهف:
[ .. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا
بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ]
{ إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلظَّالِمِينَ } بالكفر والفسوق والعصيان { نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا }
أي: سورها المحيط بها، فليس لهم منفذ ولا طريق ولا مخلص منها، تصلاهم النار
الحامية.
{ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا } = يطلبوا الشراب، ليطفئ ما نزل بهم من
العطش الشديد.
{ يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ } = كالرصاص المذاب، أو كعكر
الزيت، من شدة حرارته.
{ يَشْوِي الْوُجُوهَ } أي: فكيف بالأمعاء والبطون،
كما قال تعالى { يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد }
{
بِئْسَ الشَّرَابُ } الذي يراد ليطفئ العطش، ويدفع بعض العذاب، فيكون زيادة في
عذابهم، وشدة عقابهم.
{ وَسَاءَتْ } النار { مُرْتَفَقًا } وهذا ذم لحالة
النار، أنها ساءت المحل، الذي يرتفق به، فإنها ليست فيها ارتفاق، وإنما فيها العذاب
العظيم الشاق، الذي لا يفتر عنهم ساعة، وهم فيه مبلسون قد أيسوا من كل خير، ونسيهم
الرحيم في العذاب، كما نسوه.
تفسير ابن سعدي