ألــم ، ضحك ، فراق ،سرور ، فرح
مشاعر اختلطت في داخلها عندما أُخبرت بقبول بعثتها إلى الخارج، فرصة
طالما أنتظرتها وحلمت بها مع صديقتها نوره
همس بعدم تصديق: أنا قُبلت ..حقاً قُبلت
صرخت فرحاً...مازالت تقسم على والدها بصحة قرار أبتعاثها
رُسـمت البسمة والفرح في أرجاء المنزل الذي حوى عائلة صغيرة يسودها الحب والوئام
وبدأ الاستعداد للرحيل...عالم مجهول ينتظر همس وأخاها خالد الذي سيكون مرافق لها
يذهبان للتسوق يومياً...يشتريان ماتحتاجه الغربة ...كلمة غربة يعني فراق يعني دموع تنزف
وهذا حال والديهما يمسحان الدمع ويرسمان الأبتسامه ...كيف لايحزنان وفلذات كبدهما
سيرحلان ويتركا فراغٌ عميق في كومة قش مليئة بالحنان
ليلة الرحيل
ليلة الدمع وامتزاج الألم
قبل أن تختلط المشاعر بالغرب
وقبل أن تتسخ ويصعب تنظيفها
ليلة لم ينم فيها الجميع
هناك من يرسم للأحلام مساراً... وهناك من يمسح الدمع فراقاً
الأب: يا أم خالد كفاكِ بكائاً..استغفري الله وأدعي لهما..سيعودان قريباً
مسحت تلك الأم الرؤوم دموعها وظلت تصلي وتدعُوا لهما طوال الليل
كيف لا أبكي والعينان تودع أغلى من ربى في أحضاني
كيف لا أبكي وسيطفئ نوري ويظلم عند فراق أطفالي
كيف لا أبكي سأصحو الصبح دون لامسات وقبلات أحبابي
يوم الرحيل
هاهو بنان الأيدي يفترق..صوت البكاء يعلو وينوح...قلوب تكتم العبرات
سافر خالد وهمس بعد وداع مؤلم..حتى ذلك الأب لم يستطع كتم دموعه وبادله خالد بالدموع
وصل خالد وهمس..أبهرتهم حضارة الغرب..شدتهم المباني العالية والشوارع وكل مايقع عليه عيناهم
سكن خالد وهمس عند أمرآة تبلغ الخامس والثلاثون عاماً..استقبلتهم بفرح..تعرفت عليهم
لم تقصر في مساعدتهم وتعليمهم..أحبوها كثيراً...تمر الأيام وتقابلت همس مع نوره وفرحا كثيراً
أنهما سوف يدرسان معاً ويكملان مسيرة صداقتهما
أما الوالدان فلا يمر يوماً دون سماع صوت أبنائهم..وكيف أنهم يثنون على تلك المرأة الطيبة
هاهو عامٌ مضى ...صبرت الأم لفراقهم من أجل مصلحتهم
أخذتهم في أحضانها..بكت همس كثيراً...اشتاقت لوالديها...وأخذ خالد
يقبل والداه كل دقيقة...فضحكو ا عليه...كأنه طفل صغير
نعم جميعونا صغار أمام والدينا نحتاج للحنان ...نحتاج للمسة يد تربت علينا
مر شهرٌ سريعاً وهاهما سيعودان ليكملا مسيرة تلك البعثة
همس:حسناً يا أمي...سوف أدعوه أنا
ذهبت مسرعتاً إلى غرفة أخيها خالد لتوقفها ضحكاته وطريقة تحدثه باللغة الانجليزية
الصدمة شلت قدماها وظلت واقفة تستمع لباقي الحديث...ياترى من التي
يتحدث معها ...لا خالد ليس من هذا النوع...ربما أكون قد أخطات
أصبحت تقدم الأعذار...تبرر ماسمعته...ليس صحيح كلمة ترسبت في داخلها
لتكذب نفسها...ولم تصدق الا عندما سمعته يقول أسمها حينها فقط
نعم صحيح أخي يكلمها ...أخي يتغزل بها...أخي ...أخي
ذهبت إلى غرفتها مسرعتاً...أصبحت تفكر ..ماذا تفعل؟
همس بحيره:هل أقول لأبي...ولكن إذا علم ربما يلغي رحلة ابتعاثي
لالالالا مستحيل وحلمي...!
ظلت تفكر طيلة الليل...وأخيراً قررت أن تخفي الأمر وتحاول أن تبعده عنها
قدر المستطاع...!
كيف يبتعد وهو بالأحضان يُدفنوا
كيف يهتدي والشيطان يوسوسوا
كيف وتيار الغرب في القلب يسكنوا
سافر الاثنان معاً ...بدأت الدراسة تشتد على همس...وأصبحت مشغولة
لاتعرف كم الوقت...لاتعرف للساعة عقارب...
همس متفاجأه: ماذا...نورة تركت الدراسة...لماذا
عادت من جامعتها...غير الموعد الذي يُعرف أنها سوف تعود فيه
تفاجأت بأخيها مغمس في أحضان عشيقته...والكؤوس على الطاولة
أصبحت تصرخ وتشتم...لكن لم يعرها أياً منهما أهتمام...لأنهما بكل بساطة
ليس بوعيهما
دخلت إلى غرفتها تغلي...أخذت هاتفها واتصلت على صديقتها نوره
لكن لم يأتي جواب
تمر الثواني ....الدقائق....الساعات....الأيام...الشهور
تدهور حال خالد..أصبح سكيراً...سهير الحفلات الماجنة...مساعد لدور الدعارة
لم تستطع همس السيطرة عليه...تهدده بأنها ستقول لأبيها...لكنه لم يعرها أي أهتمام
وهي لم تستطع البوح..لأنها تعلم أنا مصيرها سيكون العودة إلى أرض الوطن دون شهادتها
التي تحلم بها
لم تعد تتحمل ماترى...أصبحت تخاف من خالد
آه خالد مصدر الأمان
خالد من أدفن نفسي عند الخوف في أحضانه
خالد الحنون الذي لم يقل لي يوماً...لا
خالد الشاب الخلوق
خالد الذي يحفظ من القرآن الكثير
رن جرس الهاتف ...أسرعت أليه
همس والحزن والألم يطغى على صوتها:نعم
نوره:همس كيف حالك..لقد أشتقت لك كثيراً
همس بفرح:أنا بخير ...الحمدلله...كيف حالك أنت...لماذا قطع اتصالك عني
نوره:أسفه... لقد كنت مشغولة...فأنا قد خُطبت
همس بفرح أكثر:مبارك عليك...جمع الله بينكما بكل خير
نوره:شكرا لك..ولقد اتصلت لأقول لك أني ربما أعود للدراسة مره أخرى...فزوجي سوف يدرس أيضاً
الحمدلله أنني سعيدة...لقد عوضني الله خيراً
همس:لكن أنتي لم تقولي لي لماذا تركت الدراسه
نوره بحزن:بصراحه ..رأيت أنا أخي أنحرف قليلاً...فعلمت أنها دُقت أجراس الخطر..فقررت الرحيل
فأخي نور عيني...وحلاوة جلستي...أريده كما هو...والحمدلله عاد كما كان
صدمه ...بكاء... تنازلت وأنا لم أستطع
فعلاً أجراس الخطر من حولي تدق وأنا لا أفكر سوى بورقة
ربما تكون عارٌ لي
سمعت أصواتهم قادمه...خرجت وقد عزمت أن تنهي كل شي
ولكن فوجئت برجل أخر معهم..نظرات ذئب بشري..يبحث عن شي
خافت وهربت إلى غرفتها...ظل ذلك الرجل يضرب الباب وهمس
تضم رِجليها إلى صدرها..وأجهشت بالبكاء
نامت والدمع يغطي وجهها الطفولي...
أستيقظت صباحاً...فتحت الباب لترى اذا كان المكان أمن
مشت قليلاً وهي تترقب كل شي حولها...تفاجأت بالكراسي الملقاه في كل مكان
المكان مبعثر....كل شي على الأرض
نعم كل شي
صرررررخت همس :خاااااااااااالد
أسرعت اليه رفعت رأس أخيها في أحضانه
ودمائه أغرقت المكان
همس والعبرات تقتلها:خالد...رد علي
...خالد أنا همس ...هيا أفق لنعود الى والدينا
لا أريد شي ...أريد فقط أن نعود ...آآآآآآآآآآهـ
بكت وبكت...صرخت وتألمت
بعد ماذا؟
أخذت تقبله...تحضنه...تريده الأن
تريد بعد فوات الأوان
عُد يا أخي ياصفوت حياتي
عُد يامن حماني من شر أعدائي
عُد فلك بالقلب مسكن الأحبابي
عُد ألي فلقد ندمت وذرفت دموعي
عُد يامن عشت معه طفولتي
ولعبنا باللعبي
وتشاركنا حليب أمــــي
وتسامرنا معاً بالضحكاتي
عُــــــــــــــــــــد
هل سيأتي زمن يباع الأخ من أجل ورقة
بقطرة ماء تنتهي
وتزول...؟؟!!!!!
نعم للأسف لقد أتى...
أرجو المغزى قد وصل
كم من الغربة قتلت أبنائنا...كم من فر بدينه وعاد
كم من الأباء بكوا....كم هم اللذين عادوا بشهادة دون دفع الثمن
الأ من رحم الله
م
ن
ق
و
ل